الخنزير البري
الخنزير البري
والخنزير البري حيوان وحشي، يقضي نهاره مختبئا في الأماكن الوعرة، وينشط في الليل حيث يتسلل إلى القرى ويفتك بالزروع ويفسد الغلات، ويساعده خطمه القوي علي حفر الأرض مع الاستعانة بأنيابه الحادة، إلى أن ينبلج الصبح فيفر هاربا.
والخنازير البرية في القرى تعرف أوقات الصبح والفجر، وقبل ذلك وبعده، لبروز الناس للغائط. فيعرف من كان في بيته نائما في الاسحار ومع الصبح، أنه قد أسحر، بأصواتها ومرورها، ووقع أرجلها في تلك الغيطان، وتلك المتبرزات. ولذلك ضربوا المثل ببكور الخنزير.
وهو اجتماعي يعيش في مجموعات عائلية، تتشكل من خنزير ذكر وخنزيرتين أو أكثر وخنانيص (جمع خنوص وهو ولد الخنزير). ويوجد بكثرة في شمال افريقيا وجزء كبير من آسيا وأوروبا. ويقطن تقريبا كل غابات المغرب، حيث يكثر في المرتفعات الغابوية والجبلية.
ويصل طول الخنزير ما بين 1,10م و 1,80م، ووزنه ما بين 75كلغ و300كلغ. ويبلغ حجمه العادي في سنته الخامسة أوالسادسة، ويعيش حوالي 20 سنة.
وتدوم مدة الحمل لدى الخنزيرة من 112الى 115 يوما، وتلد من 4 إلى 6 خنانيص والتي تظل متميزة بخطوط بارزة على جلدها مدة سنتين، وتدوم مدة الرضاعة ما بين شهرين وثلاثة أشهر. والخنزيرة لا تفارق خنانيصها طيلة هذه الفترة، وتحميهم من جميع الأخطار ولو بتعريض ذاتها للهلاك.
والخنزير البري حيوان صيد بامتياز، فضله النبلاء على غيره منذ عهد الحضارة الرومانية القديمة. فهو أروغ من ثعلب، إذا أراده فازس، إذا عدا أطمع في نفسه كل شيء، وإذا طولب أعيا الخيل العتاق. ضعيف النظر لكن حاستي الشم والسمع قويتان لديه، سريع ويقطع مسافات طويلة، يستطيع العوم ويخترق مياه الأنهار. وليس بشىء من الحيوان كاحتمال بدنه لوقع السهام، ونفوذها فيه
الخنزير في الحضارات القديمة
كان الاعتقاد سائدا بأن الخنزير الأهلي ينحدر في أصله من الخنزير البري، إلا أن العلماء المحدثين أكدوا أن الخنزير الأهلي ينحدر من نوع خنازير، كان الصينيون القدامى يربونها منذ حوالي 4900 سنة قبل الميلاد. وبدأت تربية الخنزير الأهلي منذ 1500سنة قبل الميلاد. في الحضارة الرومانية القديمة، كان يستطاب لحمه، وتشتهى أطباقه، وأصناف المأكولات المستحضرة منه. وفي الميثولوجيا السيلتية، كان الخنزير مقدسا، وله قدرات خارقة، وكان رمزا للآلهة.
ويحكى، في الأساطير الفرعونية، أن العداء والكراهية كانا مستحكمين بين حورس إله الخصب وست إله الشر، وكان ست شديد المكر والدهاء، وكانت لديه القدرة على التشكل بأي شكل يريده. وقد وصل إلى علم ست أن رع سيتشاور مع حورس، فتشكل في صورة خنزير أسود، فكان منظره رهيبا حقا، وقد كشر عن أنيابه الطويلة الحادة، واكتسى بلون السحاب المرعد، وكانت نظرته متوحشة خبيثة تلقي الرعب في قلوب الناس. وأقبل رع على حفيده حورس، وبينما هو معه، إذا بالخنزير الأسود يمر، ولم يعرف رع أن ذلك الخنزير الأسود لم يكن إلا الإله الشرير، فصاح في حورس: انظر إلى ذلك الخنزير الأسود، إنني لم أر خنزيرا بهذه الضخامة، أو بهذه الوحشية، ونظر حورس ولكنه لم يعرف ست بهذه الصورة الغريبة، وظن أنه خنزير بري من الخنازير التي تقطن غابات الشمال، وهكذا ظل بلا حماية من عدوه الغادر. وعنذئذ وجه ست قدفة من النار إلى عين حورس، فصرخ حورس من شدة الألم، فصاح غاضبا إنه ست، ولكن ست سرعان ما اختفى، ولم ير الخنزير الأسود مرة أخرى. وحلت لعنة رع بالخنزير بسبب ست، فقال: ليكن الخنزير قربانا لحورس. والى يومنا هذا يضحي الناس بالخنزير إذا كان القمر بدرا، لأن ست عدو حورس وقاتل أوزيس اتخذ صورته. ولهذا السبب كذلك يعتبر رعاة الخنازير في مصر منبودين ملوثين، محرم عليهم دخول المعابد وتقديم القرابين للآلهة.
في القرون الوسطى، كانت الخنازير الأهلية تصول وتجول بحرية بين المساكن في الأزقة الأوروبية، تقتات من فضلات المزابل والنباتات، وحتى بعض الحيوانات. وكانت تقام الأسوار العالية لمنعها من نبش القبور. وفي سنة 1266 أعدم خنزير حرقا لأنه افترس طفلا. نعم أعدم، لأنه لم يكن يفرق آنذاك بين الإنسان والحيوان في المسؤولية، فالحيوان كان يحاكم وتصدر في حقه العقوبة إذا ما تبثت إدانته. وكذلك كان الأمر بالنسبة لخنزير تعرض لحصان كان يمتطيه الابن البكر لملك فرنسا لويس السادس، فأسقطه ولقي الأمير مصرعه. وأصدر الملك قرارا بمنع الخنازير من التجول بحرية في الأزقة. في سنة 1493، أدخل كريستوف كولومب أول فوج من الخنازير الى العالم الجديد، فتوالت هجرات الخنازير بعد ذلك وتزايدت وتكاثرت.
منقوول
التعديل الأخير تم بواسطة : fofo بتاريخ 18-04-2006 الساعة 02:12 PM.
|