وفاء الكلاب
يحكى أن أحد السلاطين كان مشهوراً بالغباء. وقد توجه إلى أمور الدنيا وترك شؤون الرعية إلى وزيره الأول الذي كان السلطان الفعلي. لكن مثل هذا المنصب لا يدوم طويلاً، فالوشاة خططوا للوزير مؤامرة دنيئة جعلت السلطان يغضب منه، ولذا أصدر أمرا بإعدامه، بطريقة تقديمه لكلابه المفترسة!
استغل الوزير غباء السلطان وطلب منه مهلة عشرة أيام لتصفية أمور الدولة وأمور أسرته، فوافق السلطان على طلبه.
وفي اليوم التالي، اتصل الوزير بالمشرف على تربية كلاب السلطنة، وأغراه بالمال وحل جميع مشكلاته إذا ما سمح له بالإشراف على تغذية الكلاب لمدة عشرة أيام فقط!
استغرب العامل من تصرف الوزير وشكَّ في قواه العقلية، لكن منظر الدنانير جعلته يوافق فورا، وارتدى الوزير لباس العامل المخصصة لذلك الغرض، وراح يلعب مع الكلاب حتى اعتادت عليه، وعاش معها وأطعمها أحسن المأكولات لمدة عشرة أيام متوالية إلى أن حل الموعد المتفق عليه، وجاء العامل واستلم عمله وذهب الوزير إلى السلطان وسلم نفسه.
نادى المنادي جماهير السلطنة لمشاهدة إعدام الوزير الأول في الساحة الكبرى، حيث شيد في وسطها قفص كبير وضعت فيه الكلاب المفترسة! ولما حان الموعد نودي على الوزير، ثم اقتيد قسرا وأدخل في قفص الكلاب والجماهير بعضهم يصرخ وبعضهم يضحك مما سيحصل.
وكانت المفاجأة: فقد فرحت الكلاب لدخول الوزير القفص، وراحت تداعبه ويداعبها بكل سعادة! وعم الصمت لهذه المفاجأة غير المتوقعة! مما اضطر السلطان لإعلان انتهاء المهزلة التي تورط بها، وطلب من جلاديه إخراج الوزير من القفص وجلبه للمثول بين يديه.
وقف الوزير بكل شموخ أمام السلطان، فقال له السلطان: سأعفي عنك إذا أعلمتني عن سر ما حصل!
نظر الوزير إلى السلطان الغبي وقال له: خدمتك السلطنة بكل إخلاص أكثر من ثلاثين سنة، وخدمتُ الكلاب عشرة أيام فقط، فوجدتها أوفى من بني البشر