الباز (The Sakerfalcon )
إن الباز هو طائر الصيد الجارح الرئيس في البلدان العربية. إن البارون نيكولاس قائم يعمل علي تربية وتهذيب هذا الصائد الذكي في أشكال وألوان وأحجام متعددة تم توالدها من سلالات منتقاة ومميزة من الصقور.
إن الإسلوب الجديد في " البراعة الجوية " يجعل من هذا الصقر شبيها بالصقور البرية.
والباز لا يحسن قنص الحباري والكروان ، غير أنه ماهر في صيد الأرانب، وفي الغرب يحبون هذا النوع من الجوارح ويصيدون به الدجاج البري والفزن وهي طيور برية تشبه الدجاج في الحجم، لأن طرق التدريب والصيد عندهم تختلف كثيراً عن طريقتنا نحن العرب، وأيضاً اختلاف الأرض وطبيعتها والمناخ جعل هناك فرقاً واضحاً في ذلك، فنحن لدينا الأراضي المكشوفة والوديان الفسيحة والسهول، أما أرضهم فإنها تتميز بكثرة الغابات والأشجار الكثيفة .
و هم لا يستطيعون القنص إلا بمساعدة الكلاب المدربة على شم هذه الأنواع من الطرائد، يطلقون أولاً الكلب للبحث عن الصيدة، ويراها في وسط مجموعة من الأشجار ويقف الكلب المدرب بعيداً عن صيده بحوالي 15 خطوة، فيعرف الصيادون إنه وجد شيئاً في هذه الحالة يتركون صقرهم يرتفع في الهواء حوالي 200 أو 300 متر، ويجري الصياد إلى مكان وقوف الكلب، وهنا يجري الكلب ناحية الطريدة فيراها الصقر من ارتفاعه، فينزل عليها ، يمكن للصقر أن يصيد طريدته من أول ضربة أو ثاني ضربة كما يمكن أن يخطئها وتهرب منه وتبحث عن ملجأ لها وسط الأغصان الكثيفة، وتفوت الفرصة على الصقر ويعود إلى صاحبه الذي يبادر ويعطيه قليلاً من الطعام على سبيل الترضية .
إذن الاعتماد هنا أساساً على الكلب فهو الذي يشم رائحة الطريدة ويحدد مكانها، وهو الذي يقود الصقر كما يقود مدربه، وفي اغلب الأحوال تكون النتيجة لا شيء.
أما نحن هنا فالمدرب يعتمد على نفسه وحنكته وتجربته وجودة تدريبه وتعليمه للصقر في اصطياد الطريدة ومعرفة أماكن تواجدها . وحينما تخرج لصيد الحباري أو الكروان أو الأرانب، يبحث الصياد بنفسه عنها ، ويستدل على أماكنها بآثارها.
ووصف الحكماء والملوك البزاة وزادو في الوصف واطنبوا في المدح، فقال خاقان ملك الترك : البازي شجاع مريد ، وقال كسرى انو شروان : البازي رقيق يحس الإشارة ولا يفوت الفرص إذا أمكنت، وقال قيصر : البازي ملك كريم إن احتاج أخذ وإن استغنى ترك، ووصفه ابن خفاجة فقال: هو طائر يستدل بظاهر صفاته على كرم ذاته، طوراً ينظر بنظرة الخيلاء في عطفه، وتارة يرمي نحو السماء بطرفه، وهو جيد الصيد والأثر، حديد السمع والبصر، وقد جمع بين عزة مليك وطاعة مملوك.
وهو جارح ذكي الفؤاد مرهف الحس شديد الألفة يأبى الإهانة وهو إلى ذلك قوي البأس، سريع الافتراس تخافه جميع الطيور التي تماثله في الحجم .. والصفات الجيدة فيه.. أن يكون صغير الرأس ، غليظ العنق طويلها، واسع العينين ودائري الأذنين والحوصلاء، مقيد الخوافي والذنب ، مكتنز الفخذين ضامر الساقين، سبط الكفين، رزين المحمل كثير الأكل ، متتابع النهش، سريع الاستمراء ، شديد الانتقاض، أهرت الشدقين ، ضخم السلاح .
وصاحب الصيد والطرد عند العرب يرى أن أحسن أنواع البزاة ما قل ريشه وأحمرت عيناه مع حدة فيهما، ودونه الأزرق العينين الأحمر اللون .. والأصفر دونهما، ثم إن ما صلب لحمه وطال ذنبه وقصر جناحه، وصغر رأسه ، وأصفرت عينيه .
وأفخر أنواع البازي الأبيض الأشهب
وللباز خصائص ينفرد بها عن غيره من الجوارح .. من ذلك سرعة كسره وانقضاضه حتى قيل أنه أسرع من السهم وقد ضرب المثل به بسرعة خطفه .
والباز إذا أدبته وأحسنت تأديبه عرف مهمته ولم يتجاوز حدوده، وهو من الجوارح الوفية لأهلها ، وقد رويت عنه في ذلك أخبار كثيرة.
ومن شأن البازي أن يأوي إلى الأماكن التي يكثر فيها الشجر الباسق والظل الظليل والماء الوفير ، وهو لا يتخذ وكراً إلا في شجرة كثيرة الشوك، وإذا أوشك أن يفرخ بنى لنفسه بيتاً وسقفه تسقيفاً جيداً يقيه من المطر ويدفع عنه وهج الحر .
وقد رسم علماء البيزرة لسياسة البازي حدوداً تعارفوا عليها بها وسنوا لحسن القيام عليه آداباً ، والتزموا بها، ذلك لما يتمتع به هذا الجارح من مزاج لطيف ، ولما له من منزله في نفوس هواة الصيد ومكانة عند العالمين به ..
فأشترطوا في حامل البازي أن يكون نظيف الثوب ، طيب الرائحة، كريم الشمائل عالماً بشئون البازي وأحواله. وحذروا من أن يحمله الأبخر لأن الرائحة الكريهة تكسر شهوته للصيد وتجعله ينفر من حامله.
وإذا حمله طيب الرائحة ارتاح إليه وأنس به واشتد ألفة له حتى ليلتصق جسده بجسده ويجلس مطمئناً فوق يده، وهو جارح مرهف الحس يؤذيه كل ما يؤذي أصحاب الأمزجة اللطيفة، لذا حذروا حاملة من أن يأكل ثوماً أو بصلاً أو أي طعام آخر تتغير له رائحة الفم، وهو طائر كريم النفس ، حمىّ الأنف يأبى الإهانة لذلك حذروا مؤدبه من أن يصيح في وجهه أو ينهره فإن ذلك يقضي على ما بينهما من حسن الصلة ويقضي إلى زوال الألفة .
وهذ بعض الصور للباز :
اتمنى ان ينال الموضوع اعجابكم