الأفعي النافخة Puff Adder

[دكتور بيطري الزواحف]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الوقت الحالي أقوم بتجميع وإعداد كتاب بالغة العربية عن الثعابين والأفاعي السامة في قارة أفريقيا وعندما أنتهي من أحدها سوف أطرحه هنا إن شاء الله

الأفعوان النافخ

Puff Adder

إسمه باللفة العربية" الأفعوان النفاخ"، وهو فصيلة من الأفاعي السامة اللتي تعيش في غابات السافانا وفي الأراضي العشبية في المغرب والمنطقة العربية الغربية وجميع مناطق قارة أفريقيا ماعدا الصحراء العربية والغابات المطيرة. هذه الأفعي تعتبر أخطر ثعابين القارة علي الإطلاق، ليس فقط لأنها أكثر الأفاعي إنتشاراً في القارة السوداء ولكن أيضاً يعزي ذلك إلي حجمها الضخم وسمها القوي ورغبتها القوية في الهجوم واللدغ.
ويوجد منها نويعان subspecies قد تم وصفهما علمياً منهما هذا النموذج المثالي للأفعي المذكور تبعاً.


التصـنيــف العـلـمي

 المملكة: الحيوانية.
 الشعبة: الحبليات.
 الشعيبة: الفقاريات.
 الصنف: الزواحف.
 الرتبة: المحرشفات.
 الرتيبة: الثعابين.
 العائلة: الأفاعي.
 الفصيلة: الأفاعي.
 الجنس: الأبتر.
 الإسم اللاتيني الثنائي المقطع: Bitis arietans.
 الأسماء الشائعة: الأفعوان النفاخ، الأفعوان النفاخ الأفريقي، الأفعوان النفاخ الشائع.



الـوصــــف

متوسط طول الافعي يبلغ المتر الواحد وتتميز ببدانة ملحوظة، وقد تزن الافعي التي تبلغ 190 سم 6 كجم وقد تم رصد مقاس محيط الجسم لبعض أفراد هذة الفصيلة حيث بلغ 40 سم. أفاعي Puff Adder التي تعيش في المملكة العربية السعودية ليست كبيرة حيث يبلغ متوسط طولها 80 سم. الذكور من هذا النوع من الأفاعي عادة اكبر و أطول من الإناث و يتمتعون بذنب اطول نسبياً.

الرأس له شكل مثلثي صغير بخطم أو مقدمة غير مدببة ودائرية والرأس أعرض بكثير من الرقبة. الحراشيف المنقارية بمقدمة الرأس صغيرة، والحراشيف المكونة حلقه حول العين عددها 10-16 حرشفة. عدد الحراشيف اللتي توجد في المسافة ما بين العينين علي أعلي مقدمة الرأس تبلغ من 7-11 حرشفة وتفصلها 3-4 حراشيف عن مقدمة الفم "الشفاة". يوجد أعلي الشفة 12-17 حرشفة وأسفل الشفة 13-17 حرشفة. أول 3-4 حراشيف تحت الشفاة تمثل درع الذقن ويوجد زوج من الأنياب المتصلة بعظام الفك العلوي.

هناك 29-41 صف من الحراشيف العلوية في المنطقة الوسطي من الجسم، وهي حراشيف قوية جداً وملتصقة أكتر من الحراشيف الأبعد علي الجانبين. يبلغ عدد الحراشيف السفلية 123-147 حرشفة والحراشيف الخلفية السفلية 14-38 حرشفة ولكن عددها لا يزيد في الإناث عن 24 حرشفة. الحرشفة الشرجية مفردة.

التتابع اللوني للأفعي يختلف باختلاف المناطق الجغرافية. تتميز الرأس بوجود شريطين داكنين مميزين، احدهما علي الهامة "مقدمة الرأس" والآخر بين العينين. علي جانب الرأس يوجد شريطين أو خطين مائلين داكنين اللواتي تصل مابين العينين والمنطقة فوق الشفة. أسفل الرأس يتميز بلون أبيض مائل للصفرة وبقع داكنة متناثرة.

لون حدقة العين يختلف ما بين اللون الذهبي إلي الرمادي الفضي. لون الجزء الظهري يختلف من الأصفر لون القش إلي البني الفاتح والبرتقالي أو البني المائل إلي الحمرة، ويتبع هذا كله تتابع مكون من 18-22 حرشفة متجهين إلي الخلف يتميزون بلون بني داكن إلي أسود علي شكل شرائط وتمتد أعلي الظهر إلي آخر الذيل. غالباً ما تكون هذه الحزم اللونية علي شكل شرائط مستقيمة أو علي شكل > ولكنها قد تأخذ شكل حرف U في بعض المناطق. هناك أيضاً 2-6 شرائط متقاطعة ذات اللون الفاتح علي الذيل. بعض جماعات هذه الأفعي تتميز باللونين الأسود والبني مما يضفي عليها لونا داكناً ويعطي الأفعي مظهر مسود أو لون بني يعلوه الغبار. أما البطن فتتميز بلون أبيض او اصفر مع بعض البقع الداكنة المتناثرة. الأفاعي حديثي الولادة تتميز بعلامات ذات لون ذهبي علي الرأس وحراشيف أو صفائح أسفل وعلي جانبي الرأس ذات لون مائل للحمرة او الوردي. هناك نوع غريب من هذه الافعي تم وصفه عام 1988 بواسطة Branch و Farrell من South Pride, East London. يوجد هذا النوع في جنوب أفريقيا ويتميز بأنه مخطط. تتابعه اللوني يتكون من خط رفيع بسمك حرشفة واحدة ذات لون أصفر فاتح ويمتد من مقدمة الرأس وحتي نهاية الذيل.

عامةً هذا النوع من الأفاعي Puff Adder يتميز بمظهر ولون بليد او كئيب ماعدا بعض أنواعه من الذكور المتواجدة في مرتفعات أفريقيا الشرقية ومقاطعة Cape town في جنوب أفريقيا والتي تتميز بتتابع لوني مذهل من اللون الأسود والاصفر.


الإنتشـــار الجغرافـــي

تعتبر هذه الفصيلة أعم وأكثر الثعابين إنتشاراً في قارة أفريقيا. تتواجد في معظم مناطق ما تحت الصحراء العربية جنوباً وحتي رأس الرجاء الصالح متضمنةً جنوب المغرب، موريتانيا، السنغال، مالي، جنوب الجزائر، غينيا، سيراليون، ساحل العاج، غانا، توجو، بنبن، النيجر، نيجيريا، تشاد، السودان، الكاميرون، جمهورية أفريقيا الوسطي، جمهورية الكنغو الديموقراطية الشمالية والشرقية والجنوبية، أوغندا، كينيا، الصومال، رواندا، بوروندي، تنزانيا، انجولا، زامبيا، ملاوي، موزمبيق، زيمبابوي، بوتسوانا، ناميبيا وجنوب افريقيا. تتواجد أيضاً في شبه الجزيرة العربية حيث تم رصدها في جنوب غرب المملكة العربية السعودية واليمن.

لا تقطن هذه الأفعي Puff Adder مناطق الغابات المطيرة فلا نجدها علي طول الساحل الغربي لأفريقيا كما لا تتواجد في أفريقيا الوسطي (جمهورية الكنغو الديموقراطية الوسطي)، كما لا تتواجد علي طول الساحل الشمالي لأفريقيا (البحر المتوسط). في شبه الجزيرة العربية تم رصدها في الشمال عند محافظة الطائف وجنوبا في محافظة ظفار جنوبي عُمان.




الموطــــــــــن
تعيش أفعي Puff Adder في جميع ومختلف الأماكن ما عدا المناطق الصحراوية الحقيقية والغابات المطيرة، ومعظم تواجدها يصاحب وجود الأراضي الصخرية ذات الاعشاب الخضراء.


الســـــــلوك

الأفعوان النافخ بطبيعتها فصيلة تتميز بالسل وتعتمد علي إستراتيجية التمويه لحماية نفسها من الأخطار. النظام الحركي في هذه الفصيلة مستقيم بالدرجة الأولي اعتماداً علي الحراشيف السفلية العريضة مماثلة لطريقة تحرك الحشرة ذات الأربع والاربعين قدم معتمدة علي وزنها لمساعدتها في عملية جر الجسم إلي الأمام. عندما تهتاج تلجأ هذه الأفعي إلي أسلوب حركي افعواني بحت وتتحرك بسرعة مذهلة.

رغم أن هذه الأفاعي أرضية، إلا أنها سباحة ماهرة بل قادرة ايضاً علي التسلق بسهولة. عادة ما توجد علي الأرض ذات الأعشاب القصيرة حيث تعرض اجسامها للشمس الدافئة. بعض أنواعها وُجدت علي إرتفاع 4.6 متر علي أشجار كثيفة الاغصان و متفرعة.

إذا تم إزعاجها او شعرت بالخطر تقوم بإصدار صوت فحيح عال ومستمر وتتخذ وضعية دفاعية متميزة حيث يلتف جسدها علي شكل دوائر ضيقة ويأخذ رأسها والجزء الامامي من جسمها كاملاُ شكل حرف S مشدود، في نفس الوقت تحاول الأفعي أن تنسحب وترتد للخلف إلي أي مكان مغطي آمن يوفر لها الحماية وقد تنقض للهجوم علي العدو المهدد لها فجأةً وبسرعة كبيرة، وإنقضاضها للجانب يكون بنفس سهولة وكفائة إنقضاضها للأمام قبل أن تعود مرة أخري لوضع الدفاع. عند الإنقضاض السريع يكون الإصطدام قوي حيث تخترق أنياب الافعي الأنسجة إلي عمق كبير وتسبب جروح كبيرة متوغرة حتي ان بعض الفرائس تموت من مجرد الإصطدام الجسدي مع الأفعي، كما أن أنيابها لها القدرة علي إختراق الجلد الصناعي الأملس.

الأفعوان النفاخ أو Puff Adder له القدرة علي الإنقضاض من مسافة تبلغ حوالي ثلث طول الجسم بينما أفراد الفصيلة صغيرة السن التي ليس لها خبرة بعد تنقض بجسدها كله وتدفعه كاملاً للأمام باتجاه العدو أو الفريسة. نادراً ما تقوم هذه الأفعي بإمساك الفريسة والتمسك بها، بل إنها تنقض ثم تعود سريعاً لوضع الدفاع الأول.


التغذية

غالباً ما تفضل Puff Adder الصيد بالليل كما أنها لاتنشط في المناطق العشبية المليئة بالنباتات للقيام بالصيد بل إنها تنصب الفخاخ للفرائس حيثما تكون.

وتضم قائمة الفرائس بعض أنواع الثدييات الصغيرة والطيور والبرمائيات والعظايا (السحالي).


التزاوج والتناسل

تصدر الإناث روائح مميزة pheromones لجذب الذكور إلي مكانها حيث تتلاصق وتتلاحم في رقصات خاصة ومصارعة بمنطقة الرقبة، ويمكن أن يتبع الإناث حتي سبعة ذكور.تقوم الإناث بولادة عدد كبير من الصغار حيث تم رصد 80 وليد لأفعي واحدة بينما 50-60 صغير في المرة الواحدة شيء طبيعي ولا يثير للدهشة.

يولد الصغار حوالي 12.5 إلي 17.5 سم. الأنواع الضخمة من هذه الفصيلة خصوصاً تلك التي تقطن شرق أفريقيا تلد أكثر عدد من الصغار. وقد ولدت أنثي Puff Adder في حديقة حيوان Czech بكينيا 165 صغير مرة واحدة حيث تُعد أكبر عدد من الصغار لأي نوع من انواع الثعابين والأفاعي في العالم.


فــــي الأســـــــــــر

لا تواجه تربية أفعي Puff Adder مشكلات في الأسر ولكنها لأظهرت شراهة متزايدة عن طبيعتها المعتادة في بيئتها الطبيعية. وقد ذكر Kauffeld عام 1969 أن بعض أنواع هذه الأفعي تستطيع العيش لسنوات عديدة إذا ما تغذت علي فأراً واحداً كل أسبوع، ولكن عند إطعامها جميع أنواع الفرائس التي تفضلها وتوفير جميع أنواع الطعام لها في الأسر، أدي ذلك إلي موتها او علي أفضل الظروف تقيء الطعام.

تتميز هذه الأفعي بمزاج سيء وعنيف، وكثير من أفرادها لا يستطيعون الإستقرار تحت ظروف الأسر حيث تستمر دائماً بالفحيح والنفخ عند الإقتراب منها.


الـســــــــــــم

هذه الفصيلة مسؤولة عن اكثر حالات الوفاة من أي فصيلة أخري في أفريقيا وهذا نتيجة اتجع عوامل عدة مثل إنتشارها الواسع في القارة الأفريقية ووجودها الدائم وحجمها الكبير وقوة سمها الزعاف الذي يتم إصداره بكمية كبيرة. هذا فضلا عن طول أنيابها التي تمكنها من حقن السم في الأنسجة العميقة، كما أن إعتمادها علي التمويه يجعلها لا تفضل الهروب. كما أن عادتها في الحصول علي الدفئ من آشعة الشمس ورغبتها في الإنقضاض تجعلها قابعة في مكانها حيث تكون مستعدة للهجوم إذا ما تم الإقتراب منها.

يعتبر سم Puff Adder من أخطر سموم الأفاعي حيث أن الجرعة القادرة علي قتل نصف عدد فئران التجارب لتحديد قوة السم LD50 (Lethal Dose 50%) 0.2-0.4ملجم/كجم حقناً في الوريد، 0.9-3.7 ملجم/كجم عن طريق الحقن داخل الغشاء البريتوني بنطقة البطن، 4.4-7.7 ملجم/كجم عن طريق الحقن تحت الجلد. وقد أعطي Mallow et. al. عام 2003 مدي لقياس السمية النصفي LD50 1.0-7.75 ملجم/كجم.

إنتاج السم النموذجي في العضة الواحدة يكون 100-350 ملجم بحد اقصي 750 ملجم وقد كانت القياسات في عام 1973 تقول ان كمية السم للعضة الواحدة 180-750ملجم. فقط 100ملجم كافية جداً لقتل رجا بالغ ذات حالة صحية جيدة خلال 25 ساعة أو أكثر. معظم الأفاعي من هذه الفصيلة لديها كمية مخزنة من السم تكفي لقتل 4 أو 5 رجال.

ينتج عن عضة هذه الأفعي في الإنسان أعراض موضعية مجموعية systemic ، إستناداً إلي نوع ودرجة التأثير الموضعي العضات يمكن أن تقسم إلي مجموعتين تبعاً للأعراض: الأولي المصاحبة لقليل أو لا تسريب سطحي من الأوعية الدموية علي الإطلاق، والأخري المصاحبة لعلامات نزفيه كالنزيف تحت الجلد و النزيف إلي خارج الجسم وتورم المنطقة المصابة. كلا النوعين تكون مصاحبة لألم شديد ومضض أو عدم إرتياح موضعي ولكن في النوع الثاني يعاني المصاب من موت واسع الإنتشار للأنسجة السطحية أو العميقة. في حالات العض الخطيرة يعاني الطرف المصاب من ثني مع عدم قدرة علي الحركة كنتيجة للنزيف القوي أو تجلط الدم في العضلات المصابة. التصلب الثانوي للعضو المصاب يمثل عرض نادر الحدوث وغالباً ما يفقد العضو وظيفته.

بعض الأعراض الأخري التي قد يعاني منها المصاب الوذمة (وجود الماء والإفرازات الإلتهابية تحت الجلد) التي قد تمثل ضرر كبير للمكان المصاب، أيضاً أعراض الصدمة وخروج الدم من مكان الجرح علي شكل قطرات مميهة صغيرة، الشعور بالغثيان والقيء، كدمات تحت الجلد، نقط وتجمعات دموية التي تتكون سريعاً بعد التعرض للعض والإنتفاخات المؤلمة للعقد الليمفاوية في المنطقة المصابة. غالباً ما تخبو وتقل الإنتفاخات والأورام ما عدا المنطقة الملاصقة تماماً لمكان أنياب الأفعي. هبوط الضغط مع الضعف العام والشعور بالدوران وعدم الإتزان أو حتي فقدان الوعي قد ينتج عن العضة.

إذا لم تُعالج العضة سريعاً وبحرص ينتشر الموت الموضعي للخلايا حيث يؤدي إلي فصل الجلد والنسيج تحت الجلد والعضلات عن الأنسجة السليمة مما يؤدي إلي سلخها وخروج سائل إلتهابي مصلي. تسلخ الأنسجة والعضلات قد يكون سطحي أو عميق وقد يصل إلي العظام. عادة ما ينتج عن العضة غنغرينة ومختلف العدوي الثانوية والتي قد تؤدي إلي فقدان الطرف المصاب.

برغم كل هذا فإن الوفاة بسبب هذه الأفعي شيء إستثنائي ومُحتمل أن يحدث في أقل من 10% في الحالات التي لم تتلقي العلاج اللازم. عادةً في خلال 2-4 أيام من بدء المضاعفات يحدث نقص حاد في حجم الدم وإعتلال خثري منتشر(إعتلال في تجلط الدم) داخل الأوعية الدموية. أغلب حالات الوفاة تكون مصاحبة لإهتمام طبي سيء أو حتي مهمل بالكلية.