شقة ( يوسف ) الساعة الحادية عشر والربع
22 / 1
والآن المشهد كالأتي :
( مصطفى ) و ( حامد ) و ( أحمد ) و ( محمود ) يجلسون على المقاعد الأربع البلاستيكية والتي تلتف حول المنضدة ... وفي وسط المنضدة ثبت ( يوسف ) شمعه كبيرة نوعاً ما وضوءها يتراقص يميناً ويساراً ... وكل الجالسين حول المنضدة يحمل في يده قصاصة الورق التي كتب فيها ( يوسف ) الكلمات ...
أما ( يوسف ) نفسه فقد جلس على مقعد بعيداً عن مكان المنضدة بخطوة أو أثنين وقد أمسك بين يديه الورق المنقول فيه نص المخطوطة الأصلية ...
هنا تكلم ( يوسف ) وعلامات القلق بدأت تظهر على وجهه :
- << شباب ... لقد بدأت فرائصي ترتعد بحق ... وبدأت أميل إلى أن نوقف ذلك الموضوع ... ما رأيكم >>
فرد عليه ( حامد ) مغتاظاً
- << بعد كل الترتيب التي قمنا بها وتريد إنهاء الموضوع ...!!! لنقل الكلمتين وننزل لشقتك فلن يحدث شيء >>
وهنا قال ( محمود ) :
- << بالفعل أحس بانقباض شديد جداً ... لكن أعتقد أن ذلك من تأثير خوفنا من المخطوطة ومن تأثير الجو النفسي مثل الشمعة والشقة المهجورة , لكني أعتقد أن الموضوع بالكامل خرافة فلن يضيرنا أن نقول الكلمتين ونرحل فلا خوف من الموضوع >>
يبدوا أن كلام ( حامد ) و ( محمود ) قد أثار روح التحدي في نفس ( يوسف ) .. فهو لا يريد أن يظهر بمظهر الجبان الذي يخاف من لا شيء
- << إذن هيا فلترددوا الكلمات بنفس التوقيت بصوت واحد .. >>
كانت تلك العبارة من ( يوسف ) , فأضاف ( حامد ) :
- << حاضر سنبدأ القرأة ولن ننسى أن علامة حضور عفركوش هو ارتفاع لهب الشمعة لسقف الشقة >>
- << اخرس وأبدأ القراءة >>
مرت لحظات صمت بسيطة نظر فيها الأصدقاء الأربعة لبعضهم البعض ... ثم بدأ الجميع القراءة بصوت عال
((سمامها طولام فقدشبينا يوهانيط سمسمائيل يصيفيدش أحرق كل من عصى أمرك بحق إصطفار و بيوم عمياخ وبحياة هليع بحق إصطفار وبيوم عمياخ وبحياة هليع .....
*
هل تتذكرون الكهف الذي رأيناه في الفصل الثالث ( السجين ) , في لحظة قرأه الأربعة أصدقاء للكلمات وعند هذه النقطة من الكلمات نرى المشهد الأتي ....!!!
كانت هناك كلمات على فتحه الكهف من الخارج ... تلك الكلمات تذوب الآن ... تذوب وكأن هناك مادة حارقة تذيبها ..؟؟؟
أما الكهف نفسه فقد بدأ يهتز من الخارج كان هناك زلزال في تلك المنطقة .. لا لقد أخطأت ... إن الصخور التي تحيط بالكهف هي التي تهتز فقط وتتزلزل من مكانها ..؟؟؟
*
يا من تسمعون في وادي القرنيم بحق سيدكم وبحق مقبلكم فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات ....
*
عندما وصل الأصدقاء لتلك الكلمات ظهر شيء غريب ... شيء لن نراه بأعيننا نحن البشر .. لكن ماذا لو أننا نرى بمنظور أخر ... منظور شخص يرى عالم الجن وعالم البشر ...
الهواء يتخلخل حول الأربعة الجالسين على المنضدة .. وعند خروج الكلمات من حلوقهم فإن الهواء يتخلخل حولهم أكثر ... أصوات صفير وكلمات تقال بسرعة رهيبة , كلمات لم تخرج من حلوق بشرية .... عفاريت من الجن تتحرك في سرعة حول الأربعة ....
كل شخص من الجالسين على المنضدة يقف بجانبه نفر من الجن ماعدا شخص واحد لا يقف بجانبه أي شيء
أشكال الواقفين بجانب كل شخص مخيفة ... عيونهم واسعة جداً لدرجة أنها تأخذ نصف وجوههم ... وقرونهم كبيرة جداً ... يقفون ولا يفعلون غير شيء واحد ..
يرتعشون ويهزون رؤوسهم لأعلى وأسفل بلا انقطاع ..!!
*
( مازال الأصدقاء يكملون القراءة )
فيدعاهاط موسماعل بق حتى إذا أحضرتم أحرقكم المولى بحق وصيل مشموهوه شرطيائيل
*
نحن الآن في أحد الأودية الصحراوية التي يسكنها الجن ....
(( فيدعاهاط موسماعل بق حتى إذا أحضرتم أحرقكم المولى بحق وصيل مشموهوه شرطيائيل ))
كان ذلك النداء السابق يتردد في الأودية وكأن له ذبذبة خاصة به ...!! بعد انتهاء النداء بدأ كأن هناك بخار يتكاثف فوق رمال الأودية .. بخار اسود اللون .. ثم بدأ البخار يتجسد ببطء ليكون ألاف من أفراد الجن يملئون الأودية وهم يفعلون شيئاً واحداً
يرتعشون ويهزون رؤوسهم لأعلى وأسفل بلا انقطاع ..!!
*
( مازال الأصدقاء يكملون القراءة )
موهوقمي نوخيشما بهدار مخلبي
*
هنا ارتفع صوت كأنه حيوان يعذب ...!! أو إذا أردنا الدقة لقلنا أنه حيوان جريح يزأر ......
*
انتهي الأربعة من القراءة ليرتفع فجأة من خلفهم صوت ( يوسف ) وهو يردد من الورقة التي في يده ...
أريقاً أريقاً فليقاً فليقاً حليقاً حليقاً أتوني مستكين مستكين مستكين .... احضروا أينما تكونوا احضروا فإنكم محاطون به من كل جانب ...
*
مازالت صخور الكهف تهتز مرة أخرى , ولكن دعونا نلقي نظرة على الكهف من الداخل وماذا يحدث به الآن :
هل تتذكرون السجين ... لو تذكرنا السجين جيداً لتذكرنا أن يديه مكبلة بالسلاسل والسلاسل منقوش عليها نقوش غريبة المنظر ....
الآن هذه النقوش تشتعل بها النار ... وتتغير ملامحها وتذوب نهائياً ...؟
السجين يقف والسلاسل التي تكبل يديه تتكسر بسهولة وكأنها الحبال .....
السجين يبتسم بهدوء للحارسان الذين يحرسانه وينظرون له الآن برعب شديد ... يبدوا أن هذا السجين سيفتك بالحارسان بكل هدوء وبلا ضجة ....
*
( مازال ( يوسف ) يكمل القراءة وسط دهشة أصدقاءه )
سمسائيل الهوام يحاقوف المخلبي سمسائيل الهوام يحاقوف المخلبي ارجعوا يا جنود المارد ارجعوا يا جنود المارد
*
حول الكهف وقف آلاف من أفراد الجن يحيطون بالكهف ويصدرون من حلوقهم _ إن كان لهم حلوق _ أصوات غريبة وكأنها نداء على شخص ما
*
( مازال ( يوسف ) يكمل القراءة )
فكوم يا حليق فكوم يا حليق نخدام بهاميم بحق سمسائيل أن تأتيني احضروا يا جنود المارد لتكونوا الجيش الأعظم الوحى الوحى العجل العجل الساعة الساعة احضروا بحق مخلبي
وهنا انقطع التيار الكهربي عن الشقة ... ثم انطفأت الشمعة .....
* * *
- << أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... أين أنت يا ( يوسف ) >>
- << أنا جالس مكاني يا ( أحمد ) لا تخف >>
دارت هذه المحادثة وسط الظلام الذي ساد الشقة بعد انقطاع التيار الكهربي ... ثم بدأ الجميع يستعيذون بالله من الشيطان الرجيم
- << أشعر بخوف شديد يا جماعه , فلتضيء الشمعة يا ( يوسف ) >>
فرد ( يوسف ) قائلاً
- << يبدوا أنك نسيت أن علبة الثقاب بجانب الشمعة أمامك ... هيا أضيء الشمعة >>
أخذ ( مصطفى ) يتحسس المنضدة حتى وجد علبة الثقاب , فأخذ منها عوداً وبدأ في إشعاله .... ثم قربة من الشمعة لتضيء المكان ..... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. إن الظلام أجمل بكثير , ما هذا الهول ؟؟؟؟؟؟؟؟
* * *